الجمعة، 1 أغسطس 2014

موضوع لوليد الحسيني روعة جدا


بادئ ذي بدء , عليَّ أن أنوه إلى أن الهدف من سرد قصتي مع الإلحاد , وهو أن هذه القصة ليست مكتوبة بهدف الترويج أو الإشارة أو حتى التعريف بفكر من الأفكار , ولكنها مجرد قصة .. كأي قصة .. عن كفاح الإنسان وصبره وتعاليه ضد البطش والقمع والاستبداد , قصة كأي قصة .. لسجين يهرب
ويفر وينتهي به الحال في صحراء بلا أبعاد  , ومراد هذه القصة إنساني بحت ,  بعيد عن المناوشات الساذجة , أو التحديات المذهبية , التي تشيع وتكثر  في العالم البائس .

في سن الطفولة يحتضن الأب ابنه ويتمنى له أن يكون شيئاً عظيماً .. شيئاً خارقاً ومحبباً لذات الأب وللناس وللمجتمع .. وحين يكون معيار هذا المجتمع هو التمسك بالدين , فإن الأب يسعى لأن يرتقي بعائلته وأبنائه إلى مصاف العلو التي يرسمها ويتخيلها المجتمع وذلك من خلال التدين وشد القبضة ضد كل ما يخالف الدين , ولكل مجتمع حقه طبعاً في رسم وتكوين صورته على هيئته التي يريد , لكن الأمر يشطح ويصل لدرجة فظيعة من الراديكالية أحياناً , والبعد عن كل ما هو إنساني وإظهار النكران له , ويصل لمستوى أن يكون الإنسان عبداً للوهم , عبداً يطأطىء رأسه أمام أية أوامر يلقيها له سيده , تتغير صورة السيد من الأب إلى رجل الدين إلى رئيسك في العمل إلى ربك , لكنك تظل عبداً وإن تغير أسيادك , لأنك في وسط عبودي لا يقيم لك وزناً ولا ثقلاً .و لأن الوالد كان متديناً .. والمجتمع متدين .. والعائلة متدينة .. كانت الحياة عبارة عن دين وصلاة طويلة , صلاة أزلية لا تنتهي , نهايتها تكون مواراتك الثرى وموتك , لهذا كان الدين هو الكل بالكل في وسطي , فالمعيار لا يتغير ولا يتزحزح عن مكانه بل يثبت مع مرور الوقت ويزداد رسوخاً .
كان الحال هو كما قال الشاعر الزير :
أنادي بركب الموت للموت غلسوا ... فإن تلاع الموت بالموت درتُ
ومادام أن السيد الأكبر هو مستر ( دين ) فإنك ملزم بطاعته , ملزم بحذو حذوه , واقتفاء جرته , والتماهي معه , وتمسيح جبته , والتبرك بفضلاته , والتلذذ بلسعات سوطه , الدين هو سيدك الأكبر وسيظل , ويجب أن لا تفكر – لمجرد التفكير حتى – أن تعصيه وتتمرد عليه أو على أوامره , ولا مفر من الإقرار بهذه الحقيقة المؤلمة , الدين يحاصرك ويباغتك ويغتصبك , ولا مهرب من الانبطاح أمامه , هذا هو حالي , وحال الآلاف المؤلفة من المساكين المستعبدين , الذين يفهمون الدين على أنه موت مؤقت , تتحشرج روحك في صدرك وتنتظر لحظة الفكاك , حتى تنفجر خارج جسدك وتهرب إلى أقرب فضاء .
كان الوالد يركب الموجة , والجميع حقيقةً يركبون الموجة , يحلقون في البحر ويستقبلون رذاذه , كي يصيبهم ببعض الانتعاش أو الانتشاء , أو يغرقهم البحر ويخدعون أنفسهم ويقولون "شهداء" , فالكل شهيد , القاتل والمقتول , الكل يتساوى وتنكسر أجنحته وكبريائه وغروره أمام عظمة المستر ( دين ) !
جاء مولدي , ورمتني الصدفة السعيدة في وسط الصحراء المجدبة , الصحراء العربية وسط السعودية .. شأني شأن الكثيرين .. كلنا بدو وسط الصحراء لكنه النفط أبدل أرض القحط مدناً وعمائر يتطاول بنيانها وتتوسط الإسفلت والطرق السريعة , تغيرت الحياة وحولت البدو إلى سادة , لكن العقول هي ذاتها , تغط في سبات قرني غويط , قرون طويلة من التخلف والتعب , ومازال الحال على نفسه , وربما لم نصل لنقطة المنتصف بعد , فلو وصلنا المنتصف لبدأنا بالميلان إلى كفة أخرى , لكن الظاهر أننا نحتاج قروناً طوال كي نصل لهذه النقطة .
وقد تربيت كأي طفل مسلم من عائلة مهووسة بالمحافظة ورثت دينها كما ترث لبوسها ومشلحها وعباءتها وزربالها , حياة شعارها الأول والأخير : ( التكرار , العادة , الملل ) وبطعم رملي تتدحرج حباته الصلدة على لسانك فتصيبه بالخشونة , فتجد نفسك مجبراً على إخراج لسانك كي تسقط منه حبات الرمل , إنه طعم ومذاق لا يعرفه إلا من سكن في أرض القحط التي تحدث عنها عبدالرحمن منيف في رواية النهايات , الأرض التي مات بها البطل عساف مطموراً بالرمل والنسور تحلق فوق رأسه تريد الانقضاض على جسده الميت .
الفرق الوحيد بيني وبين عساف في رواية النهايات , أن عسافاً مات والكلب يحرس جسده ولم تصب جثته بالأضرار , أما أنا فقد تناوبت النسور في نهش جثتي , المجتمع , العائلة , الدين , العادات والتقاليد , الحكومة , حتى بقيت هيكلاً متآكلاً يضربه هواء الصحراء , فلا تسمع إلا صفير الرياح في العظام .
دخلت المدرسة الإعدادية بعد أن سجلني والدي , كان يريد لابنه أن يكون فذاً في كل شيء مثل الحسن بن سينا , كان والدي بدوياً جداً , حتى أنه لا يعرف ماهو التخصص وماهو التدقيق في مجالات العلوم , كسائر العرب الذين يخلطون زيد بعبيد , فتكون النتيجة فشل في فشل ووقوع الطوام والكوارث والأخبار الغير سعيدة .
بعد التحاقي بالابتدائية , تفوقت على بقية أقراني , وكنت من الأوائل في الدراسة وبتقدير امتياز , حتى الإخوة العرب في الصف , والمشهورين بتفوقهم , أتذكر أنهم ينقلون مني بعض الأسئلة ويتهافتون على استشارتي عندما تقترب الامتحانات السنوية .
لكن منذ الطفولة لم أغفل عن مراعاة الله والحذر من عقابه , كان الله بالنسبة لي شيئاً جباراً يراقبني إذا اختليت بيني وبين نفسي , شيئاً مهماً وقوياً ملتصق بي ولا أقدر على التخلص منه ومن رقابته , والفضل في غرس هذه الفكرة في دماغي يعود للبيئة التي تقود أهلي ووالدي ومجتمعي للإيمان بالله والتضحية بحياتهم وحريتهم له , هو الله الواحد الأحد القوي , لكن قوته لم تمنحه العفة بأن يتركنا في حال سبيلنا .
اجتهادي بالدراسة أيام الابتدائية لم يمنعني من أداء الفروض الدينية كاملة , فقد كنت أصحو الصبح وأصلي الفجر مع والدي في جماعة المسجد , والويل كل الويل لو عصيته فالخيزرانة بانتظاري , ولكي أكون صادقاً .. لم يكن هناك ألعن من لحظة إفاقة والدي لي كي أصلي الصبح .. ولا أنسى مقولته التي ظل يرددها كل فجر ولسنوات طويلة : ( استعن بالله .. توكل على الله .. والعن إبليس وقم صل ) .. هذه العبارة كم تشاءمت منها في طفولتي , ولم أجرؤ على التصريح بكرهي لها ولو حتى بيني وبين نفسي , لأنني جبان جداً أيام التدين , لكم كرهت صلاة الفجر وأبغضتها بسبب أو بدون سبب , كانت تسرق لذة النوم من عيني , وتبعثر حلماً طفولياً أحلمه عن العصافير أو الألعاب أو كرة القدم , أو غيرهذا مما يفكر فيه الصبية الصغار ويحلمون به ببراءة .
مرت السنون .. وتطورت الأوضاع .. ومازلت أحتفظ بإيماني يوماً بعد يوم وأستقوي به , أتحصَّن به أمام عواصف الشك والتفكير , كان العقل هو عدوي اللدود , وكان السؤال هو جسر العبور لجهنم والخلود فيها كما كنت أعتقد بسذاجة , أو كما لقنني المدرسين في المراحل الدراسية , لا تسأل ولا تفكر ولا تنظر للمحرمات ولاتقرأ غير القرآن ولا تحتفظ بالصور ولا تلبس ملابس الغرب ولا تقبل الورود , لا تفعل أي شيء ببساطة , فقط كن ميتاً , كن عابساًَ , كن غبياً كن ساذجاً كن عبداً , كن متطرفاً دينياً ولو بالقوة والغصب وإلا فجهنم مصيرك وسوء السبيل .
مات والدي وأنا في المتوسطة , ولكنه قبل موته نسي أن يغسل أفكاري الملوثة وينقيها ويعيدها إلى طبيعتها , نسي أن يحذرني من الوقوع في فخ التطرف والإرهاب الفكري والمادي , نسي أن يقول لي يا بني إنني ربيتك على أن تكون مجرماً لا أن تكون بشراً , نسي أن يقول لي أنت ضحيتي وضحية هذا المجتمع المتعفن المنافق والحضارة الكاذبة والفضيلة المرذولة , لقد مات أبي وارتاح , ارتاح وانبسط في قبره ظناً منه أنه سيواعد حورية جميلة , أو سيبيت في روضة أو جناح خمس نجوم تحت الأرض , أو سيشرب نخب الفردوس باكراً حتى يسكر في القبر , مات وخلف وراءه ابنه تائهاً شريداً يترنح في صحراء العدم والقحط ينتظر حتفه , مات وهرب إلى الجنة وتركني وحيداً أقاتل عالم الأوهام لوحدي .
في المدرسة المتوسطة وبعد فقدان والدي شعرت بأنني يجب أن أزيد من جرعة التدين , لأن الموت غدار , ويمكن أن يغدر بي ويأخذني في أي لحظة , فيجب أن أتقي الله وأشخص ببصري نحوه , يجب أن أحذر من الفتن وشرور الدنيا , لم أكن أعرف أن الشر عينه هو أن أقمع نفسي لهذه الدرجة وأتلذذ بعذابي بإسم الدين والله وغيره من الشعارات السخيفة , بل كنت أمسح هذه الفكرة من رأسي كلما لمعت بذهني , أمسح وأمسح وأمسح من الأفكار والشكيات والتساؤلات , فلا يبقى غير الوهم متوهجاً بعقلي محتفلاً بانتصاره على ذكائي وفطرتي المتشككة والمفكرة كإنسان عاقل وذكي وطبيعي .
بعد أن وصلت مرحلة خطيرة ومتقدمة من الإدمان الديني , لدرجة إمضاء الوقت المديد في حلقات الذكر , وممارسة السنن والنوافل في المساجد بتكرار ممل ورتابة مبالغ بها , حتى أنني أخشع في السجود لدقائق طوال تصل للخمس والعشر دقائق ولايخلو الأمر من البكاء والعويل وسكب الدموع , كنت أتلذذ وأسعد وأرضى حين تنهمر الدموع على وجهي , كسحابة شتاء حبلى بالمطر فضربت الأرض بالهطول , كان وجهي مثل الأرض الطينية التي أمطرتها السماء أياماً وأيام فصارت وحلاً رغواً , هكذا كان حالي حين أبكي خشوعاً بين يدي الله , كما توهمت , وكما ظننت , وكما علموني وأوهموني .
بدأ الدين يأخذ مني الوقت والجهد على حساب الدراسة , تفوقي وتقدمي بالدراسة الابتدائية عاد لموازنتي بين الفروض الدينية والفروض الدراسية , لكن ما أن بدأت أرجح الآخرة على الدنيا , حتى انقلبت المعادلة وتبدلت السطور , فصار الدين هو كل شيء , وصارت المدرسة مكاناً موبوءاً عندي , ففي المدرسة نتعلم اللغة الإنجليزية ( لغة الكفار ) وندرس أسماء العلماء الغربيين مثل لافوازييه ورذرفورد وآينشتاين ومندل ونيوتن , وهؤلاء كفار وهالكون وفي الدرك الأسفل من النار كما تعلمت , وكل شيء يأتي منهم يجب أن يُرد ولا يُعمل به مهما كان مهماً ونفسياً , ياللسخف , رجال يضحون بأموالهم وحياتهم وصحتهم لخدمتنا ونقول عنهم هلكة كفرة , بأي منطق , وبأي حق !
تخرجت من الدراسة الإعدادية أو المتوسطة كما نسميها بتقدير جيد جداً , أي أقل من معدلي في الابتدائية بكثير , بسبب تقديمي للفروض الدينية على الفروض المدرسية , ولكن المصيبة لم تتوقف عند هذا الحد , بل تطورت إلى حالة أعقد وأشد , وهي مرحلة العزلة عن البشر ورفض الواقع جملة وتفصيلاً , بحجة الكفر المتفشي والفساد الأخلاقي والانحلال والعهر وخفوت شمعة الدين .
عند دخولي الثانوية أمضيت السنوات الثلاث فيها وأنا شبه منعزل عن البشر , حتى المتدينين الذين أراهم بجانبي في الصف – وما أكثرهم – كنت أراهم على أنهم مقصرين بالدين , وأن القاعدة العامة بالدين هي الشدة والغلظة الدائمة وإيثار الله على كل متعة دنيوية زائلة , الله يأمرني وأنا لابد ممتثل , الله يراقبني وأنا لابد خاشع , الله هو السيد , وأنا هو العبد , ولايجوز أن نقفز فوق رغبة السيد بتاتاً مهما كانت الأعذار جدية .
ردود فعل الأهل كانت باردة تجاهي , فمن الواضح أنني متدين , لهذا الكل فرحان ومبسوط , يشاهدونني أحتفظ بالفتاوى والكتب والسير والكاسيتات والمنشورات الجهادية , لكنهم يظنون أنني شجرة انغرست بالجنة منذ الآن وتستقي ماءها وشرابها من العمل الصالح والصلاة والدعاء والإقبال على الله , كم هو متدين , كم هو رائع , كم هو محافظ على السنة والصراط القويم , هكذا كانوا يقولون ويصرحون .
تخرجت من الثانوية أخيراً وبمعدل متدني , رغم عبقريتي في الطفولة والابتدائية , لكن انتهى بي المسار أن أنال شهادتي الثانوية بمستوى مخيب لآمالي .
وقفت وقفة صادقة وحازمة , حاولت أن أتفهم الأسباب المفضية لتراجعي الدراسي , لكن ما أن أتذكر أنني مجاهد , وأنني أسمع قرع نعال الصحابة في السماء , وأتذكر وعد الله القاطع لي بالجنة , حتى أتوقف عن نقد نفسي , وأتوقف عن محاسبة نفسي على أخطائها وزلاتها , وأبدأ باختلاق الأعذار لنفسي , بحجة أنني مرابط على ثغر من الثغور وهو ثغر النفس وجهادها ضد إغواءات الشيطان , أنا قابض على جمرة الدين , في زمن الفساد والعهر وذل الرسالة .. كما كنت أعتقد .
لم تتوقف سذاجتي وسطحيتي عند هذا الحد .. بل أصريت على استكمال الجرعة الدينية حتى آخر قطرة , كنت أحلم أن أذهب إلى أفغانستان لأجاهد في سبيل الله , لكن شيئاً ما منعني من الذهاب إلى هناك مع أن موضة المتدينين السلفيين في السعودية هي التسلل من حدود الصحراء إلى حدود الكهوف الأفغانية , لم أعرف حتى الآن ماذا كان يمنعني من الذهاب إلى هناك ونيل الشهادة والتيكيت المجاني للجنة , هل هو حب الحياة والوجود المنغرس داخل نفسي والذي لم أكتشفه إلا متأخراً , أم هو شيء آخر لا أعرفه ولا أعيه وعياً كاملاً , لا أعرف حقيقة , لكن كل ما أعرفه أنني معجب بالجهاد حتى أنني أفضله على الصلاة في بعض الأحيان .
كنت أكره كلمة الحرية لأنها تذكرني بالانحلال والجحيم والبرزخ والأجساد المكومة في النار والتي يقطر عرقها وتقيحها وصديدها ثم تشربه عقاباً من الله .
كنت أكره العلمانية لأنها تمزق الأمة وتنشر الحرية المغضوب عليها وترمي ببذور الخيانة في الأرض فتثمر زقوماً وشجراً خبيثاً .
كنت أكره الغرب وأمريكا لأنهم يتآمرون لدهس بيضة الإسلام وحرق حظيرة الإيمان وإلغاء شريعة الجهاد التي شرعها الله من سمائه السابعة !
كنت أحب الإسلام ومستعداً لأن أقطع جسدي إرباً وأفتته وأطحنه وأخبزه وأقدمه قرباناً إلى الله لكسب مغفرته وحوز غفرانه .
لقد رضعت الإسلام , وتنفست الإسلام , وحييت الإسلام , كما لم يعشه أحد من قبل .
لكنني لم أجنح نحو التكفير , ولم أمل ميلانه , فقد توسمت الخير في الأمة وتفاءلت بمستقبلها الديني , ورأيت أن الله لايضيع جهد من اجتهد وصلى وأقام سنة نبيه على الأرض , وإن الله لناصر عباده يوم الامتحان , فتهان رؤوس الكفار وتشمخ رؤوس المؤمنين بما عملوا من صالحات وما قدموا من حسنات .
نقطة التحول الجذري بدأت من الجامعة ..
دخولي إلى الجامعة كان متزامناً مع أحداث 11 سبتمبر , فبعد تسجيلي لقسم أصول الدين والعقيدة , واتخاذي منها تخصصاً دراسياً وعلمياً , أخذت بالتوسع في دراسة مصطلحات العقيدة , والتعمق أكثر بالألوهيات والربوبيات , والتحقيق الديني عن مؤلفات الشيخ النجدي ( محمد عبد الوهاب ) الذي كانت مؤلفاته هي الأبرز في مجال دراسة العقيدة الإسلامية في المناهج السعودية , لأن عقيدته الأكثر صفاء والأوضح سبيلاً والأنقى مخبراً كما يشاع لدينا .
وبالرغم من تشدد محمد عبد الوهاب وتكفيره لثلاثة أرباع المسلمين إن لم يكن جميعهم , لكنه لم يكن مجرد رجل دين منغلق كما نراه , بل هو بطل قومي وبطل ديني ومجدد إسلامي ونسخة جديدة من العلامة الشامي إبن تيمية الحراني الذي حارب وجاهد وأغلظ ضد خصومه ومعارضيه , وهذا ما جعل وجه الشبه بين محمد عبد الوهاب وإبن تيمية كبيراً , فكلاهما سلفيان غليظان متطرفان لايريان أبعد من لحيتيهما , وهذا ما يطربنا كسلفيين فيهم , فكلما ضاقت أبواب التسامح , لمع بريق الدين , وصرنا مختارين من الله ومصطفَينِ من قبله , وهذا كافي لإشعارنا بالامتياز , لأننا الفرقة الناجية حسب أوهامنا وأحلامنا الغبية .
وفي يوم الثلاثاء الأغبر , الموافق للحادي عشر سبتمبر , ضربت طيور بن لادن أبراج المال الأمريكية , صادف حينها أنني كنت أتفرج على التلفزيون فرأيت بأم عيني أمريكا تحترق , كنت على عهد السلفية والوهابية الربانية باق , فأحسست بالشماتة والفرح ورحت أتصل على من أعرف ومن لا أعرف أبشره بمصاب أمريكا العظيم , وأنا واثق وجازم أنني لم أكن الأحمق الوحيد في ذلك النهار ممن كانوا قد فرحوا واستبشروا خيراً بضربة بن لادن الغبية لأمريكا , فبعدها بأيام قليلة قامت مظاهرات في مصر والعراق وفلسطين ترفع صور بن لادن ويصرخ فيها العرب شامتين ومتحدين لأمريكا وقوتها ظانِّين أنهم بهذا قد فعلوا شيئاً لدينهم ودنياهم .
إلا أنني في داخلي غير مقتنع بقتل المدنيين .. كنت أقرأ القرآن والأحاديث وأحفظها عن ظهر قلب منذ الطفولة .. وأقرأ أن الإسلام يدعو للتسامح في بعض نصوصه .. لكن في نصوص أخرى يدعو للحرب والقتال .. لهذا فإنني ومعظم السلفيين نرجح الشدة على الرخاء .. لأن الشدة في زمن الذل الإسلامي تنفع والتسامح أو التساهل لا ينفع مع أعداء الإسلام .. وهذا يفسر سبب تمسك السلفيين بتطرفهم حتى اللحظة .
كانت الشكوك دائماً تحوم .. حتى في وسط الصلاة .. لكنني أستعيذ من إبليس وأبصق على يساري وأواصل الدعاء والاستجداء والتضرع إلى رب العالمين .. لقد قمعت المارد الذي يغلي ويرفس بأقدامه داخل صدري يريد الخروج , مارد الإلحاد , مارد الشكوك والهواجس الغير مطمئنة والمتسائلة .
لم يدم قمعي للإلحاد والقلق طويلاً .. شيئاً فشيئاً بدأ الإلحاد يتغلغل في أعطاف عقلي .. وأخذت حمى الإلحاد والشك تصيبني وتضربتي بمقتل تلو مقتل .
ويقال أن الإنسان يحتاج ثانية واحدة مختلفة , ثانية صغيرة فقط , تجعله يعيد ترتيب أوراقه وأفكاره , فيتحول من أقصى اليمين إلى اليسار أو العكس , لقد تأخرت لحظة تحولي وتغيُّري , بيد أنها حلت أخيراً ..
حلَّت وجاءت لتنهي معاناة , وتبدأ بمعاناة جديدة !
قال لي أحد الزملاء في قسم الشريعة أنني قادر على التحويل إلى قسم الإنجليزية شريطة أن أحصل على معدل عال , ومن المعروف أن قسم اللغة الإنجليزية مستقبله أفضل بكثير من الشريعة وآفاقه المستقبلية أوسع وأفسح , فاستطعت أن أحصل على معدل جيد يؤهلني للانتقال لقسم اللغة الإنجليزية .
وبعد انتقالي للقسم الجديد وجدت نفسي أمام مادة جديدة وعبارات مختلفة وثقافة مغايرة عمَّا عهدته , وجدت أن اللغة الإنجليزية هي عالم آخر خفي عني أغمضت عيني عنه , وأمام لغة متميزة , لا يوجد فيها نصب وجر ورفع وقواعد صارمة تضيع من الوقت على حساب المعنى , وجدتها لغة قوية وشابة وحيوية ومندفعة ونسبية وغير قطعية إطلاقاً كما هو حال لغتي العجوز التي تعيش وتقتات على أفكار أبو الأسود منذ القرون الحجرية .
تأثرت بشكل كبير بدراستي الجديدة , وأخذ اهتمامي القديم بالدراسة يعود بالتدريج على حساب تديني الصلب , وبدأ الذبول يصيب زهرة الدين التي حفظتها في كأس من زجاج ورويتها ماءً من عطر .
وفي يوم من أيام الدراسة خرجت من الجامعة باتجاه البيت , وبعد أن قمت بتشغيل السيارة انطلقت مسرعاً نحو البيت , وبينما أنا في منتصف الطريق تفاجأت بخروج إحدى الشاحنات التي توسَّطت الطريق فجأة فلم أستطع تفادي الاصطدام بها , بعدها لم أتذكر ما وقع لي بالضبط , كل ما أتذكره هو ضوضاء وأصوات مزعجة ورائحة دماء جسدي المضرج .
رقدت على السرير الأبيض شهرين كاملين , بسبب إصابتي بكسور متفرقة في الساق وكدمة بسيطة في الرأس , لكن المفارقة أن هذين الشهرين كانا نقطة التغيير الإيجابي الذي أصابني , إنني أتغير , ومازلت أتغير وأتفاعل وأتجانس وأتطور , منذ تلك الحادثة التي غيرت مجرى حياتي إلى الأبد .
أيام الترقيد في المستشفى قضيتها دون أن أصلي صلاة واحدة , إنني بترت الدين من حياتي في المشفى وقررت أن تكون فترة نقاهة من الدين , لأنه متعب وثقيل على النفس , ولأني مريض ولنفسي عليَّ حق كما أمر الإسلام , كان جل وقتي أقضيه في التفكير والتفكير فقط , كانت أفكاري تتحرر فكرة تلو فكرة , كخيول محبوسة في إسطبل فانفتح أمامها الباب وأخذت تنتهز الفرص كي تركض وتتزاحم على الهروب فرساً تلو الأخرى , كان عقلي محبوساً في قنينة جعة قديمة فتعفن داخلها , فأرخيت له غطاء العلبة وأخذ الهواء يصفقه ويشعره بالإنعاش والبرودة , يالها من شهرين , وياله من انفجار داخل مخي .
تسببت الإصابة والترقيد بأن أنسحب مؤقتاً من الجامعة وأؤجل دراستي , وبعد أن صرح الطبيب بخروجي أخيراً قررت أن أعود للدراسة , لكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن كما قال الحكيم المتنبي .
بعد خروجي من المشفى وجدت أن الفصل الدراسي الثاني قد ذهب منه 5 أسابيع وهي مدة غير كافية للدراسة واللحاق بما فات من المحاضرات , فاضطررت أن أؤجل دراستي مرة أخرى , وأن انتظر 6 أشهر لغاية انتهاء السنة والإجازة الصيفية بعدها .
خلال هذه الفترة من البطالة والعطالة وقعت في شراك خطير , سببه الانفلات من قبضة الدين والشعور بنشوة التحرر التي لم أذق طعمها اللذيذ في حياتي البائسة .
كان الأهل يلاحظون هذا التغيير الطارىء , ويعزونه للمرض أو لأشياء لا يعلمونها , إنهم يشاهدون جسدي يتحلل , وتتساقط قطع اللحم وتنمو بدلاً منها عصباًَ وعضلات جديدة , لقد كان ولدهم المتدين يتبدل من حال إلى حال دون أن يشعروا بذلك .
وفي عهد البطالة المؤقتة التي أصابتني , تعرفت على أحد رفاق السوء ذات مرة وقد عمل على إقناعي بتعاطي المخدرات ( الحشيش ) , ويتم تعاطيه عن طريق لفافات التبغ , جربت أول مرة سيجارة واحدة على سبيل المزاح والاستهبال , لكن مرة تلو مرة , بدأت أحب هذا المخدر الجميل , وبدأت أضلعي وعظامي وعضلاتي تشتاق إليه وتحن إلى رائحته , وإلى شعور التبنيج والخدر يسري في الدم , وهكذا انزلقت إلى وحل المخدرات بسلاسة وبرغبة أكيدة .
تمرغت حتى شبعت بوحل المخدرات , وأخذت أتنوع وأشكِّل في الأصناف والأنواع , وإذا أعجزني إيجاد المال أقوم باستلافه واقتراضه من الأصدقاء , حتى أجد غايتي من الصنف والكيف , وآخذ الدماغ المطلوب , وأسد كفايتي من النشوة والإدمان .
بعد مرور فترة طويلة من التحشيش والإدمان كنت قد تعرفت على فتاة إسمها ( ريما ) عن طريق الجوال وبالصدفة , وأقمت معها علاقة عاطفية عابرة ومؤقتة سرعان ما انتهت ..
هذه هي أول مرة أتعرف فيها على فتاة , كيف تتكلم , كيف تعيش , ياله من عالم لعين , لا تعرف عالم أمك وأختك وحبيبتك وصديقتك , عالم من الشذوذ والغرابة هو عالمنا .
النساء عندنا مكفنَّات وهنَّ حيَّات , يتشحن سواداً فوق سواد الحياة , ويلبسن خياماً سوداء من الحزن والكمد والضيق , حجاب ونقاب وحراب , و حياة قبورية مرَّة , وموت مبكر عن موعده , يا ترى كم مرة تموت النساء عندنا ؟

أتذكر أنني أبعث لحبيبتي ريما الأشعار يومياً عن طريق الهاتف الجوال , ولا أفتأ من إرسال النكت والأشعار وحتى الكلام العادي لها , جربت الحب أخيراً بعد سنين الفقر والقحط والإجداب , وهتكت التابو الذي لم أجرؤ على مساسه وهو إقامة علاقة حب مع الجنس الآخر ..
في نفس الوقت كان الأهل يلاحظون بوادر التحرر ..
يشاهدونني أحلق ذقني الذي ربيته سنيناً حتى صار كثيفا كمكنسة الشارع ..
ووصلت بي الجرأة أن أزلط الشنب بالموس وهو من التابوات التي يحرمها مجتمعي , مجتمع الشكليات والنفاق والكذب ..
وبدأوا يشاهدونني أرتدي بعض الملابس الغربية مثل الجينز والكاب وهي الملابس التي كنت في وقت من الأوقات أحرمها وأجرمها وأصف من يلبسها بالدياثة والخكرنة وعدم الرجولة , شاهدوني أكفر وأرتد وأنسلخ عن كل شيء تعودت عليه في الماضي .
بعد أن ضربت بكل شيء عرض الحائط , وبعد أن خنت كل ما مضى وكل ما أقسمت على الوفاء له والاستشهاد لأجله , قررت أن أثبت وجودي , وإثبات الوجود يجب أن يكون ضحيته هو الدين هذه المرة , لأن الدين ضد الفرد , والدين هنا هو الإسلام والفرد هنا هو أنا , فقمت بنحر الدين كما ينحر القصاب الشياه , اختفى الدين الآن من حياتي ومازلت أشعر بنشوة لذيذة قد لا أفيق من سكرتها حتى الموت !
وقررت أن أهزم نفسي .. لأن هزيمة النفس مقدمة على هزيمة الآخر , ونقد الذات هو بداية التنوير الحقيقي , كل تنزيه للنفس يعني بداية السقوط والانحدار والهبوط أسفل القاع , وما ضياع العالم العربي إلا بسبب تنزيهه لنفسه واتخاذه من الإسلاموية والقومية والفاشية سبيلاً وطريقاً أعوج للسير .
انشغلت بإصلاح نفسي أولاً .. وتصحيح أوضاعي , وجدت أن الكتب الصفراء لم تعطني حقاً ماصبوت إليه وماسعيت لأجله , فكل عمري ضاع في الدين وبرفقة عبد الوهاب وإبن تيمية وإبن القيم وإبن حزم و إبن حجر و إبن حنبل والحافظ بن كثير وغيرهم الكثير , ضاعت طفولتي ومراهقتي لم أعشها ولم أحيها , كنت مشغولاً بمطاردة أبو لهب كل يوم ولعنه عبر قراءة سورة المسد , ومشغول باستحضار صور الصحابة وهم يجاهدون في سبيل نشر الإسلام والرباط لأجله أياماً وشهوراً في حصار الخندق , ومشغول بالدفاع عن عائشة وعن عفَّتها وترديد آية الإفك , لم أسأل نفسي ولو لحظة واحدة .. ما شأني وشأن هؤلاء الأعراب البدائيين الذين عاشوا وماتوا في زمن غير زمني وظروف غير ظروفي , فليذهبوا في ألف داهية !
تبين لي أن الدين مصاغ .. وبدرجة كبيرة من الذكاء .. على عادة كل شعب .. كل أمة تجد دينها متناغماً مع متطلباتها .. وهو بالضرورة مستوحى أخلاقياً من ماضي هذه الشعوب .. الإسلام لا ينفصل قيد أنملة عن العروبة .. مهما أدعى المؤرخون غير هذا .. أينما تجد العروبة ستجد الإسلام .. وهذا ليس نقداً دينياً بل هو وصف لحالة مرض نرفض أن نقرَّها ونعترف بوجودها .
قررت أخيراً أن أعلن إلحادي على الأقل في دائرة صداقاتي , ظننت أن تعاطيهم للمخدرات سيعفيهم من التدقيق والتركيز على معتقداتي المتحررة والثورية , لكن ما حدث كان مفاجئاً بالنسبة لي , فبينما كنت " ألف "  إحدى السجائر مع صديق لي , استدرجته في حوار ديني حول حجاب المرأة , فقلت له أن الحجاب مسألة غير ضرورية لإثبات شرفها أو إنسانيتها , هو شيء ثانوي وأقرب إلى السطحية والسخف , فما كان منه إلا أن دخَّن سيجارته على مضض , وبعد أن أنهاها حاول أن يجد عذراً كي ينصرف , ولم أرَ وجهه بعد تلك الساعة , بل إنه أسوأ من بعض السلفيين الذين عرفتهم وجادلتهم .. لأن السلفيين على الأقل يبدون استعداداً للنقاش لأنهم تعودوا عليه في الدعوة , أما رجل الشارع العادي فهو أخطر من رجال الدين لأنه غبي وجاهل وأمي وغير مطَّلع على الحوارات والمناظرات كما هو حال رجال الدين الذين يبدون – أحياناً – أكثر ثقافة من العوام السذج , وعلى هذا أقيس كل صداقاتي باستثناء أصدقاء أعدهم على أصابع اليد الواحدة , ومازالوا يجهلون الحقيقة , فإن عرفوا حقيقتي فلابد من هجري , فلا أحد شجاع ومغامر لمعاشرة صديق كافر !
صممت على أن أتثقف وأبحث في الكتب اللادينية , بعد أن أمضيت عمراً مديداً في التجول في كهوف وسراديب الليل الديني .
وفي نفس الوقت استكملت دراستي الإنجليزية , وعدت لمقاعد الجامعة أخيراً , ومازلت أستكمل الدراسة إلى هذه الساعة .
وصححت وضعي الآن , أجد نفسي أكثر راحة من ذي قبل , تركت الدين , وتركت المخدرات !
نعم .. الدين والمخدرات شيء واحد , إدمان في إدمان وهلوسة لا علاج لها إلا بإعلان القطيعة .
حياتي أصبحت أفضل بعد هجر الدين ونكرانه , أقيس أشيائي بواقعية وعقلانية وحياد , وهذا يصيبني بالقلق , لكنه قلق مشروع .. الإنسان الحر هو الإنسان المفكر والقلق .. والإنسان العبد هو الذي يسلم مفاتيح عقله لغيره ويرتاح من وجع الراس , كي يعفيه عناء التفكُّر والتأمل .
إن صفحة واحدة من مسرحيات شكسبير , أهم من كل الأديان والعقائد والأقوال التراثية . لأن الإنسان يتوسط الخطاب الشكسبيري , ولايتوسطه الدين ولا القومية ولا الرباط القبلي . إن الرباط الإنساني العام أسمى من كل مسمى وكل مصطلح وكل وصف , يقتحم أغوار عقلك بدون وسيط وبدون مفسر وبدون علامَّة رباني يدعي العصمة والمنحة الإلهية والقدرة الإعجازية على فهم كل الحقائق !
إن صفحة واحدة من أي كتاب كتبه بول سارتر أو جان جاك روسو أو فولتير أو القصيمي أو المنيف أو صادق العظم أو دستويفسكي أو شكسبير لهي أهم من كل كتب الدين مجتمعة .
إن كلمة واحدة من فمٍ يدعو للتسامح والتعايش والقبول بين الآراء لهي أهم من كل قصاصة وسفر ومجلد ديني يفقد قيمته ومصداقيته عندما ينشر الكراهية والبغضاء بين بني الإنسان .
إن الإنسان الحقيقي هو الذي تلتقي نبضات قلبه مع نبضات كل البشر دون تمييز .
إن الإنسان يجب أن يكون هو محور الوجود ومركز الاهتمام وليس الدين أو القومية أو الطبقية أو أي شعار فارغ يستهدف الإنسان لحساب جماعة أو طائفة تسلبه حق الاختيار وتقرير المصير .
إن الدين عندما يتطرف يكون أخطر هذه المجموعات التي تعمل لحساب سحق الإنسان وتهميشه واحتقاره والنيل من قدراته وتوظيفه كخادم وعبد وحيوان بلا عقل لصالح الكلمة الدينية العليا , إن التطرف والهوس الديني علاجه أصعب من السرطان والملاريا والطاعون فهو يستفحل في خبايا النفس وثناياها , وأولوية علاجه توازي في أهميتها أهمية تطعيم الأطفال ضد الشلل والحصبة وحمى السعار .
لا مناص , أو مهرب , أو بُد , من بتر ما كان آيلاً للسقوط , واختيار ما يمكن الاحتفاظ فيه من الموروث "بدقة" هذا إن كان هناك ما يستحق أن نحافظ عليه فعلاً , فمعظم تراثنا لم يركز على غير المسميات والألفاظ الكبرى كالدين والأمة والعشيرة وتناسى أن هناك ما هو أهم وأرقى منها وهو الإنسان .. والإنسان .. والإنسان .. فقط !
حتى وقت قريب لم أكن أعي أن العالم يلف ويدور حول رغباتنا وشهواتنا وغرائزنا وجرائمنا .. لقد تعودت أن أنسب كل شيء إلى القوة الربانية دون أن آخذ بالأسباب حقاً .. وإن كان الشريف الهاشمي الذي احترم ذكاءه كثيراً يقول خذوا بالأسباب , اعقلوها وتوكلوا .. لكن أتباعه من المسلمين الذين شارفوا المليار وتخطوه لم يعملوا بشيء من هذا .. بل إنهم عبَّاد كهنوت .. وعبَّاد جشع واستغلال وإقطاع ونصب واحتيال .. وعبَّأد دنيا قبل أن يعبدوا الآخرة .. إن رجال الدين هم المسؤولون أمام هذه الأشياء وإن كانت الخرافة قد تغوطت في عقولهم وضيَّعت بوصلتها لا من أمام ولا من خلف .
إلى هنا أقف ..
وتقف معاناة إنسان وجد نفسه في محيط تسكنه الأعاصير والحوادث المتلاحقة , فلا يملك غير الدوران والدخول فيها , علَّه أخيراً يجد غايته في عاصفة تأخذه وتأخذ ما وراءه وما أمامه , أو يذهب بعيداً في أرضٍ المهجر التي لا تعرف الجشع والطمع , أو يموت وحيداً في الصحراء معاقراً كأساً مرَّة من الآلام والتحديات والمصاعب فيجد نفسه قد نجا بعد أن ابتلع السم .
إنه الفرد يصرخ ويقاتل ضد الطغيان والاستبداد الذي يلقاه من جماعته , وكل إنسان في هذا الكون مسؤول أن يقاتل لنيل حريته وممارستها وتطبيقها واقعاً ونظراً .
إنه الوجود الإنساني يحفزنا للنجاة .. والحياة .. ولا شيء غيره أبداً .

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

تلاميذ ثانوية العربي بليليطة من موقع عين ولمان و الردود عليه

هذا موضوع جاء في موقع مدينة عين ولمان و أردت أن أضعه و ردوده هنا


الرابط

http://www.ainoulmene.com/ar/%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%B0-%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A8%D9%84%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D9%8A%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81%D9%88%D9%86/


الموضوع:
دخل أمس تلاميذ ثانوية “العربي بليليطة” بعين والمان في إضراب عن الدراسة، تنديدا بتصرفات أستاذة اللغة الألمانية والتي اعتبروها مسيئة للإسلام، وهذا بعد يومين من إضراب تلاميذ الأقسام النهائية بسب عدم قبولهم توزيع مواد الإختبار والمطالبة بتغييره.
قام أمس كل من تلاميذ تسيير واقتصاد ولغات وآداب وقسم الفلسفة بضم صوتهم إلى جانب تلاميذ السنة الثانية آداب ولغات الذين قاطعوا دراسة مادة الألمانية منذ الأسبوع الفارط، مطالبين برحيل أستاذة المادة والدخول في صراعات كبيرة بالثانوية.
وفي الوقت الذي لم نتمكن فيه من الاتصال بمدير الثانوية بسب غيابه عن المؤسسة. و قد أكد بعض التلاميذ المضربين المستائين من أستاذة الألمانية أنهم يطالبون برحيلها وعدم مزاولة دراسة المادة عندها وكذا ضرورة فتح تحقيق مع هذه الأستاذة نظرا للتجاوزات الخطيرة التي تقوم بها داخل القسم بمسها للعقيدة الإسلامية ناهيك عن الغيابات المتكررة وقضائها معظم أوقات الحصة في مواضيع ليست لها صلة بالدراسة وادخالها أفكار فاسدة في ذهن الفتيات إضافة إلى إحضارها لتلاميذ من مؤسسات أخرى أو من الشارع وإدخالهم للقسم دون علم الإدارة.
من جهتها تؤكد الأستاذة المعنية بأن كل ما ذكر عنها لا أساس له من الصحة وأنه افتراء من قبل التلاميذ كونها ليست من الولاية، ليبقى أمام هذا الوضع الغريب الذي تعيشه هذه الثانوية يطالب أولياء التلاميذ بتسوية الوضعية وإيجاد حل في أقرب الآجال حتى لا تتأزم الوضعية أكثر. وتجدر الإشارة إلى أن الثانوية المذكورة قد شهدت العديد من الاحتجاجات والاضرابات في الآونة الاخيرة أدت إلى الإنقطاع عن الدراسة، بعدما كانت هذه الثانوية معروفة بتفوق التلاميذ واحتلالها المراتب الأولى في العديد من المناسبات.




 التعليقات:








ابن عين ولمان قال:
السلام عليكم على الاقل اكتبوا التجاوزات التي قام بها الاساتذة كلنا لانريد الاساءة للاسلام كلنا فداء لرسول الله لااله الا الله محمد رسول الله




خالد العمري قال:
عليكم أن تناقشوا ما قالته و تردوا عليها بالمنطق لا أن تخرجوا و تصرخو كما يفعل الهمج
أم أن هذه المعلمة قد أفحمتكم حجة ؟ لا حول و لا قوة إلا بالله




  صلعوم قال:
قبل كل شيء أود ان أشير إلى نقطة مهمة ألا وهي التكوين والنشأة العنصرية ورفض الآخر ورفض حتى النقاش معه لمعظم الشباب الجزائري .لم يستطع المشرفين على المنظومة التربوية تكوين شباب واعي فكريا يقبل كل الآراء ويناقشها بصدر رحب. نظرا لثقافة الإنغلاق والحقد التي يزرعها المعلمون ذوي المستويات الثقافية المتواضعة إن لم نقل الضعيفة جدا خريجسي الزوايا والمدارس الدينية التي لاتعتمد إلا على نبذ الآخر واعتباره كافرا زنديقا وأننا ملائكة بمجرد اننا ولدنا في عائلة مسلمة . هذا الإسلام الذي أتى على الأخضر واليابس في بلدان العالم الإسللامي وأفنى كل ماهو جميل …




خالد العمري قال:
لا يا عزيزي المشكلة ليست في الإسلام بل هي في فهمنا للإسلام
فلا تجعل هؤلاء المعتوهين يؤثرون على فهمك للدين و لمقاصده التي جاء من أجلها و هي حماية النفس و العرض و …


صلعوم قال:
أنا لا أفرق بين الإسلام والمسلمين فهذا من ذاك …الإسلام هو من أنشأ وكون الفرد لالمسلم فكل تصرف من مسلم أحسبه على الإسلام .
فهذا الشبل من ذاك الأسد …ومن شابه أباه ماظلم …
كلمة العرض والنفس تثير في الإحساس بالقيء والدوار وخاصة عندما أسمعها من مسلم …





  امعمر قال:
قرأت جميع ردودك أيها الصلعوم حقيقة اسم على مسمى أنت صلعوم بحق ، إنتبه جيدا فأنت من يرفض الطرف الآخر لأنك تسد أذنيك وترى بعين واحدة مع انه لك عينين واذنين وأقصد عين الرضى والغضب ، فانت لا ترى الا نفسك ، أنا معك أغلب المسلمين أكبر كذابين وغشاشين وخداعين ، ومنافقين ، وزناة ، لكن اسمع مني كلمة ولا يهمني ان تكون مسلما او غير مسلم انا عندي الاخلاق اهم ، ولئن املك اخلاقا اتعامل بها مع الناس خير لي من املك دين بلا اخلاق ، لكن الاسلام لا يحتاج لا لك انت ولا الى من يدعون انهم مسلمين ، وكلامك يدل على انك تملك حقدا كبيرا على الاسلام ، صدقني ستتعب ، بل انت متعب بالفعل وستفشل وتنهزم وأنصحك بأن لا تتصارع مع من لا تدرك سر قوته ولا تحارب ضد من لا تمعرف طبيعة سلاحة
انه الله اتدري ما معنى الله ………..





صلعوم قال:
لا اظن ان الذي حتم على إبنه بالتبني تطليق زوجته ليتزوجها من بعهده هو …له الشجاعة أن يتكلم عن الشرف وحماية العرض والنفس … مثل المومس لما تتكلم عن الشرف …




العمري قال:
أنت تشتمني و تقول أن المسلمين هم من لا يقبل الآخر ؟؟؟؟؟



  صلعوم قال:
أخلاقي وتربيتي لاتعرف السب والشتم … لست ادري من يشتم ويسب ويدعو على الآخر جماعيا من على فوق المنبر والمؤمنين يتبعونه ويرددون مايقول جماعيا دون وعي ولا حشمة… أنا لم أر في حياتي أمة تمارس السب والشتم والدعاء على الآخر المخالف لهم جماعيا بشتى النعوت والأماني بالخراب والعذاب والفناء…هل أنا من يدعوا إلى تيتيم أولا د الآخر وترميل نسائهم و فناءهم أم هذه الأمة البائسة الفاشلة التي لاعمل لها سوى الشتم والسب وإقصاء الآخر …



  1. أنتم المسلمون لو أخذنا بكلامكم هذا في كل مرة ننتقد الإسلاميين تجترون وتعسدونه على مكسامعنا كشريط مشروخ عبارة هؤلاء لايمثلون الإسلام قل لي بربك من يمثل الإسلام إذا؟؟ أنا أستغرب في كل مرة عند كل أمر متناقض وغريب تستحضرون مثل هذه الإجابة بأن هؤلاء لايمثلون الإسلام الحقيقي ؟ ياترى من يمثل الإسلام إذا إذا لم يكن هؤلاء الذين يدافعون عنه حتى ولو بالفتنة والإفتراء والكذب …هل وجدت امة تدافع عن جهلها وكوارثها الغنسانية بالكذب غير هذه الأمة …
    كما قلت لك سابقا أنا لايعنيني الإسلام في شيء بل الذي يعنيني هو تصرفات حامليه والمدافعين عنه. فالإسلام اعرفه من حامليه ولاتحتم علي أن أضع صورة جمهورية أفلاطونبدل الصورة الحقيقية عن الجمهورية التي أعيش فيها التي لايمكن ان تكون إلا جمهورية ل
    لشيطان
    ا
  2.   خالد العمري قال:
    هؤلاء لا يمثلون الإسلام الشيء الوحيد الذي يمثل الإسلام هو القرآن و السنة الحقيقية و هذه مختلف فيها

  3.   صلعوم قال:
    من يمثل الإسلام إذا؟ أجناس من كواكب أخرى لا نراها؟ لاتقل لي بأنه دين ملائكة …وكل بشري لايمثله

  4.   خالد العمري قال:
    قلت لك أنه القرآن كلام الله و ما هو صي و ثابت عن رسول الله

  5.   خالد العمري قال:
    قلت لك أنه القرآن كلام الله و ما هو صحيح و ثابت عن رسول الله

  6.   صلعوم قال:
    إقرأ عن تاريخ تدوين السيرة النبيوة والقرآن إبحث عن هذه الكتب وسترى …أو إقرأ هذا الكتاب الذي عنوانه :
    وهـــم الإســـلام للشيخ الدكتور مطفى عبد الله أستاذ الشريعة الإساامية بجامعة الأزهر . إن أردت وضعت لك رابط تحميل الكتاب .
    http://www.thevoiceofreason.de/book.html?id=42

  7.   صلعوم قال:
    إقرأ عن تاريخ تدوين السيرة النبيوة والقرآن إبحث عن هذه الكتب وسترى …أو إقرأ هذا الكتاب الذي عنوانه :
    الوهـــم الإســـلامي للشيخ الدكتور مطفى عبد الله أستاذ الشريعة الإساامية بجامعة الأزهر . إن أردت وضعت لك رابط تحميل الكتاب .
    أو إبحث عنه بنفسك فهو متوفر على النات
  8.   خالد العمري قال:
    تلك هي الكتب التي تحتوي الكتب الحقيقية و الكلام الحقيقي

  9.   AM قال:
    J’ai lu avec attention votre petit article relatant les faits « Les lycéens de Ain Oulmène en colère contre des propos anti-islam »,ce qui m’a poussé à ne pas rester indifférent devant ce genre de manipulations gravissimes.
    Vous aviez relaté un fait sans la moindre vérification et je pense que c’est très grave
    Allons Messieurs,soyez responsables et vous voyez bien que cette photo a été retouchée et il n’y a pas eu jamais de manifestation contre cette professeur d’allemand

  10.   خالد العمري قال:
    Monsieur AM
    Si ce que vous dites est juste ,alors là ça sera un truc très très honteux
    Moi j’ai une petite expérience avec la presse algérienne (des evenments que j’ai vu devant moi directement alors que les articles étaient complètement hors champs) mais ce truc existe dans tous les secteurs, nous les algèriens nous sommes vraiment un pays tiers-mondiste

  11.   َAM قال:
    Bonjour
    Setifinfo a finalement supprimé la photo retouchée par vos soins relative à la manifestation imaginaire et je vois que vous êtes insensible à ce que vous faites
    Maâza Ou Tarète!!!
    En fait votre écrit et votre photo ne font que vous déshonorer
    « On démarre comme des lions et on finit comme des limaçons »

  12.   خالد العمري قال:
    AM
    vous parlez de moi là ?
    j’ai le droit de defandre ma religion

  13.   AM قال:
    A Khaled El-Omri
    Je suis désolé, je ne me suis pas adressé à toi, mon commentaire est clair net et précis
    En fait,je me suis adressé aux gens qui manipulent les propos des autres, en font un « fonds de commerce » et inculquent la haine et l’intolérance
    Mon souhait est de voir ce site évoluer dans le positif et non pas pour cultiver la violence

  14.   fekir nabila قال:
    je suis la prof concerné,,ya pas la moindre ou soupçon de verité ,,j’ia fais des rapport contre mes éléves,y’avait une manipulation d’un prof d’education islamique,puisque je vien sde l’oranie ,seule,enseignant dans 2 lycées,,ma soufrance quotidienne,je la vis seule,avec ces ingrats impolis,el mouhim y’avait une enquete ya rien, manipulation diffamation jalousie ,,tout ,,,mnt ils ont fait une reconciliation,en présences des profs,directeur meme un represantant des parents d’eleves et sage de la région et meme l’enquete judiciaire a trouvé ,le mineurs de bombe ,,il aura de mes nouvelles prochainement,chaque fois ya un prof d’allemand

    •   toufik قال:
      Je suis un ancien élève du lycee et je suis content de savoir que l’on etudie l’allemand dans ce lycee mais comme vous etes la prof concernée, pouvez vous nous dire ce qu’il s’est passe car une manipulation veut dire quoi? que s’est il passe reelement car on ne sait rien de cette affaire que je trouve grave et vous incriminez un professeur d’education. J’en connais au moins un mais qui est doté de nobles caracteres. Je l’ai connu lorsqu’il etait e etudiant et il est vraiment tres respectueux donc je ne pense pas que ce soit lui.Vous parlez aussi de jalousie; je ne comprend pourquoi ils seraient jaloux de vous???il faut vraiment que vous nous expliquez

  15.   AM قال:
    Bonjour
    Il y a beaucoup de gens sages qui t’ont soutenu de prés et de loin et saches que tu n’es pas seule du tout que tu sois d’Oranie,du Mzab ou de la Kabylie.
    Oui c’est vrai la manipulation est devenue chez nous un outil très efficace, comme je l’ai dit dans mon précédent commentaire, la religion est devenue un fonds commerce.
    Tout ça c’est le fruit de notre école sinistrée (Feu Boudiaf).
    Il faudrait que notre école forme des citoyens et non des militants (SS) !!!
    Apprendre à nos élèves l’intolérance, la liberté de penser
    Lis mes commentaires sur setifinfo.
    Ne baisses jamais les bras !!
    AM de Ain-Oulmène
    A+++

  16.   Eraser قال:
    @ Mme Fekir Nabila
    - Où que vous soyez dans l’Algérie, vous êtes chez vous.
    - Nous vous avons soutenu dans cette épreuve sur setif.info.
    - Le seul meneur de ces troubles, c’est bien vôtre collègue de l’éducation islamique qui a été sévèrement critique.
    Lire mes interventions sur http://www.setif.info/article7621.html
    Alors bon courage et bonne chance.

  17. هذه الثانوية كانت مضرب للمثل في النتائج

  18.   Eraser قال:
    c’est un site de merde que vous avez là
    vous restez mediocre à l”éternité

  19.   qqn قال:
    slt,ana hada win sma3t bhad lkhbar,,,mais allaho aalam w rabi yaghfarlna sma3t n kbal bli had lprof akhla9ha moutadaniya

  20.   صلعوم قال:

السبت، 1 يونيو 2013

ستيفن هوكينغ يلحد بالعلم!! بقلم : عبد الباقي صلاي

بقلم : عبد الباقي صلاي




لا أدري لماذا اختار عالم الفيزياء الشهير البريطاني” ستيفن هوكينغ” أن يفجر قنبلة إلحادية من العيار الثقيل خلال مسيرته العلمية في العامين الماضيين،و يكذب نفسه ويدحض ما سبق له واعترف به في كتابه عام 1988 A Brief History of Time “تاريخ موجز للزمن” على أن الله هو الخالق لهذا الكون الفسيح وهو المدبر لكل أجرامه؟.
فمن خلال كتاب the grand design” ” التصميم العظيم”تنكر ” ستيفن هوكينغ” لما قاله وراح يغير اعترافه ويبرهن كما نقلت صحيفة “التايمز البريطانية” مقتطفات من هذا الكتاب أن الكون يستطيع أن يخلق نفسه بنفسه وبذلك فهو ليس بحاجة إلى خالق أي ليس بحاجة إلى إله.يقول “هوكينغ”:لأن ثمة قانونا مثل الجاذبية، صار بمقدور الكون أن يخلق نفسه من عدم. والخلق العفوي هذا هو السبب في أن هناك شيئا بدلا من لا شيء، وفي وجود الكون ووجودنا نحن”. ويمضي قائلا: “عليه يمكن القول إن الكون لم يكن بحاجة إلى إله يشعل فتيلا ما لخلقه”.و في ذات السياق فقد طرح سؤاله بشكل علمي هل كان الكون بحاجة إلى خالق؟ فيقول: “الإجابة هي: لا! وبعيدا عن كون الأمر حادثة لا يمكن تفسيرها إلا أنها تأتّت على يد إلهية، فإن ما يعرف باسم “الانفجار العظيم” لم يكن سوى عواقب حتمية لقوانين الفيزياء”.هذا هو منطق و منطلق البروفيسور ” ستيفن هوكينغ” وهذا ما توصل إليه بالبحث والتحليل،وإعمال العقل،فالله عنده يعتبر غير موجود وأن القوانين الفيزيائية بإمكانها وبمفردها أن تخلق هذا الكون وتنظمه بالشكل الذي نراه.فالفيزياء الحديثة -ولا شيء وراء ذلك- حسبه مسؤولة مسؤولية مباشرة عن خلق الكون الذي نعيش فيه،ومسوؤلة في ذات الوقت عن تنظيمه حتى لا يختل ميزانه.
ونحن في هذا المقام لا نريد مناقشة نظرية “إم” التي يقول فيها “هوكينغ” :” إنها تتعدى مجرد كونها معادلة رئيسة لتصبح عائلة بأكملها من النظريات التي تعيش جنبا إلى جنب داخل إطار نظري متماسك.. تمامًا كمختلف الخرائط السياسية والجغرافية والطبوغرافية التي تصف رقعة ما على الأرض كل منها في مجال تخصصه ولكن بدون أن يناقض بعضها بعضا. هذه هي الحال الذي ستؤول إليها نظرية “إم” عندما يتعلق الأمر بمختلف مظاهر العالم المادي”.ولكن مناقشتنا تنصب حول الإطار العام الذي يتحكم في النظرية و لماذا غيّر فكرته حول الخالق للكون،بعد أن كان معترفا أن الكون له خالق!.
فالنظرية من دون شك ستلقى انتقادا لاذعا ولو بعد سنوات طويلة- النظيرة ظهرت منذ أكثر من سنتين-،فضلا عن أنها ستعرف استنكار كبيرا من طرف الأوساط المتدينة ليس فقط من قبل المسلمين وإنما من طرف المسيحيين والذين يؤمنون بأن الله هو الواجد وهو الخالق.
فحوى النظرية أن الكون خلق نفسه،ولم يتدخل أيا كان في رسم معالمه،وهذا مناف للمنطق ومناف لقانون السببية التي يعرفها العلماء،وحتى الفيزياء تنطلق من أن لكل سبب مسبب ولا يمكن للأشياء أن تكون بدون أن تكون هنالك أسباب وراء ذلك.
فلو نظرنا على سبيل المثال للسيارة التي تسير في الطريق، وأردنا معرفة سر هذا المخلوق الآلي،فحتما سوف تتبادر إلى أذهاننا أن هذه السيارة إما خلقت من عدم وهذا أمر مستبعد لأن هناك اتفاقا من جميع علماء الفيزياء،أن العدم لا يخلق شيئا،أو أن هذه السيارة خلقت نفسها وهذا أيضا مستبعد لأن السيارة بحسب المنطق لا تستطيع أن تخلق نفسها وإلا لكانت قادرة على تصليح أي عطب فيها،أو تقود نفسها نحو الوجهة المعلومة لو طلبنا منها ذلك،أو أن هناك صانعا لهذه السيارة والأخير هو المقبول منطقا وعلما.
ويذهب البعض في تفسير ما طرحه ” هوكينغ” من سؤال حول وجود الخالق،وأن الكون حسب فيزيائه الحديثة ليس بحاجة لخالق،أن الكون يشبه ما طرحه بعض الكفار عندما عرفوا أن هناك بعثا وأن الناس سيقومون ليوم الحساب،فالقرآن الكريم يجيب بالآية التالية ” وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحيها الذي أنشأها أول مرة”.فالعجز عن التفكير في الخلق هو الذي يقود الإنسان ليطرح على نفسه تساؤلات إلحادية.وكان الأحرى بالبروفيسور” ستيفن هوكينغ” وبدلا من هذه الزوبعة أن يبرهن على نظريته ويسكت دون اللجوء إلى أمر الخلق وما شابه ذلك.ونحن على يقين أنه سيراجع نفسه وسيبرهن مرة أخرى عندما تتضح الأمور أمامه- هذا إن سلمنا أن بحثه العلمي أوصله إلى ما هو عليه- وسيعرف أن الكون الذي لم يكتشف كنهه العلماء سوى أربعة بالمائة وراءه خالق عظيم.
وودت لو أسأل ستيفن هوكينغ” عن سر وجوده،وهل استطاع أن يدرك بعقله يوم ولدته أمه،ومن يحيطون به،ومتى بدأ يدرك الأشياء من حوله،وأكثر من هذا هل يستطيع أن يبرهن لنا أنه هو شخصيا جاء من العدم!.
للأسف الشديد أن العلم بدلا من تقوية العقيدة فهو يدمر العقيدة ويعيدنا إلى المربع الأول من العصر القديم الذي كان يحرض على أن الله غير موجود وهو عبارة عن خرافة.نستغفر الله أن الله غير موجود وأن الكون الذي نعيش فيه ليس من خلقه وليس من تدبيره،ونأسف مرة أخرى أن البروفيسور “هوكينغ” لم يقرأ الآية الكريمة التي تقول” سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق”.